الخميس، 3 ديسمبر 2009

الحجاب، أقرب طريق إلى قلب الرجل؟

Enter a description of the photo here

صديقتي مريم من الفتيات اللائي يجعلنني أتساءل عن مدى انتمائي لجنس النساء. فتاة   تتدفق أنوثة وعذوبة ورشاقة. كان يحدث أحيانا أن نقضي بعض السهرات وعطل نهاية الأسبوع برفقة عدد من الأصدقاء. لم تكن مريم لترفض يوما مثل هذه العروض، بل أنها كانت دوما السباقة لاقتراحها لأنها لا تتحمل الحياة بدون مُتعِها؛ بدون قطرات الملح التي تضفي الطعم على روتين العادي من الأيام؛ بدون ذلك العطر الذي يفوح من القلوب والأجساد والعقول التي تضج بالحياة.

منذ حوالي سنة، جاءت عليّ فترة انهمكت خلالها في انشغالاتي المهنية والجمعوية ورصيدي البنكي المهدد بالانقراض خلال مدة من الزمن نسيت فيها مريم والخرجات الليلية الجميلة وعطل نهاية الأسبوع في إفران ومراكش وطنجة. إلى أن فوجئت بها يوما في أحد المطاعم فىالمدينة البيضاء وهي... ترتدي الحجاب. صُعقت للتغير غير المتوقع بالمرة. "لقد تعبت من الخروج والدوران، وأريد أن أستقر"... هكذا كان رد مريم تحت حجابها الأنيق الذي لم تفارقه لمسة الأنوثة. لم تتحدث مريم عن قناعة دينية. تحدثت عن الاستقرار. حاولتُ أن أتصل بأحد الأخصائيين الاجتماعين لدراسة العلاقة بينهما لأني بعدُ لم أفهمها. مريم تقول ببساطة إنها بلغت الثلاثين وأنها تريد أن تترك خلفها كل ماضيها وعاداتها القديمة، بأنها تفكر في الزواج والأطفال والأسرة وأنها قررت، لهذا السبب بالذات، أن تتغير. بعد المعدة التي كانت تشكل أقرب الطرق إلى قلب الرجل، جاء الآن وقت الحجاب كمدخل للزواج والاستقرار.

بشكل عفوي وبسيط، وضعت مريم غطاءا على شعرها لتضع كل ما مضى من أيام حياتها في خانة الماضي الذي يجب إلغاؤه، وأنا التي كنت أرى فيها مجرد لحظات جميلة نُروّح فيها عن أنفسنا من عناء وتوترات الحياة اليومية. نفت مريم عن كل ماضيها صفة الجمال والبراءة واعتبرته دنسا لن يؤدي بها إلى الاستقرار. غدا ستقابل رجلا تقنعه بأنها محجبة طاهرة بريئة فيدعوها للاستقرار. وقد يكون هذا الرجل قد قضى بعض سهراته في نفس المطاعم والملاهي الليلية، وخرج منها يبحث عن امرأة طاهرة لا تعرف دنسها. سيتقابلان بعيدا عنها بعد أن استحال لقاؤهما داخلها. سينسيان أيام التمتع بالحياة ويدخلان في حياة "الاستقرار". بين الفينة والأخرى، حين يصل بهما التوتر أوجَهُ، سيحنّان إلى ما مضى من الأيام، وبدون ندم، سيقولان بأن ذلك ماض وبأن الاستقرار كان أجدى.

من يدري، قد يأتي عليّ يومٌ أفكر بدوري في الاستقرار فأحرق دولاب ملابسي ومذكراتي وصوري وذاكرتي وكل سنوات عمري الماضية، لأضع غطاءا على رأسي علّه يمسح ماض سأتصوره الحاجز بيني وبين الاستقرار. قالتها جدتي يوما: كثرة الهم تُضحك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق