الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

الأيدز: لعنة من الله... والرجال ينقلونها لزوجاتهن




انتحر محمود. ب الحامل لفيروس الإيدز عندما تخلى عن أخذ الأدوية، واتصل بزميله نوفل. ك، الحامل هو أيضا للفيروس قائلا "المرض أنهكني والناس تخلو عني واحتقروني وحتى عائلتي، لم تتفهم انني استحق الإحترام، انا لا اريد العيش" وتوفي سليم في الصيف الماضي. هذه الحادثة تعبر عن معاناة الآلاف من حاملي فيروس الأيدز في البلدان العربية وعجز المجتمع عن التعامل مع مرض فقدان المناعة المكتسبة الإيدز.

مثل هذه القصص كثيرة ومتكررة في المجتمع العربي، حيث لا يزال الأيدز يعتبر لدى الأغلبية "لعنة من الله وانتقاما منه على ممارسة الفاحشة." هذه النظرة تنتشر في كل البلدان العربية. ويقول عنها البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث والمختص في ابحاث الأيدز "إن التابوهات المحيطة بهذا المرض وارتباطه بالعار، جعل من الصعوبة معرفة الارقام الحقيقية حول الإصابات في المجتمعات العربية. فإذا أخذنا الجزائر كمثال فالارقام الرسمية تقول "ان هناك 2500 حامل للفيروس اما نحن كمختصين فنقول أن العدد تجاوز 12 ألف مصاب، وتخفي الحكومة ذلك بسبب رغبتها في التغطية عن عجزها في الوقاية والتوعية من الإيدز." ولا يكاد مرض الأيدز يذكر الا بمناسبة اليوم العالمي لمرض الايدز الموافق للأول من ديسمبر كانون الاول، في حين أن حاملي الفيروس يعيشون في المجتمع وفي كل مكان إلا انهم يخفون وجودهم بسبب عدم تفهم الآخرين وفي أحيان أخرى الى درجة الإضطهاد.

حياة. ب حاملة للفيروس وتعيش في الجزائر، أصيبت بالعدوى منذ 15 عاما عن طريق زوجها الذي عمل بالخارج، تقول "انا تقبلت الإصابة بكل سهولة لأنني لم اكن مسؤولة عنها، ومع ذلك سامحت زوجي الذي توفي بالإيدز، لكن الناس هنا يعايرونني ويقولون ستموتين في ظرف عام او عامين، انهم يتصرفون مع المصابين بطريقة همجية، وحتى في المستشفيات عندما تتوجه إمرأة حامل للولادة، ومصابة بالفيروس تتعرض للشتم والطرد والكثيرات منهن ينجبن في البيوت."



"نكافح الايدز بالشريعة"

وتعتقد الأغلبية الساحقة من الإسلاميين أن "الشريعة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة لمكافحة انتشار الأيدز" ، وهم يسمون البغاء والخطيئة سببا لانتشاره. ترفض أغلبية من المتدينين في العالم العربي تسميات من قبيل "لإتصال الجنسي غير الآمن" أو "الجنس التجاري." فاليوم مثلا تظاهر الكثير في سورابايا، ثاني أكبر مدينة في إندونيسيا ضد استعمال الواقيات الذكرية (الكوندوم)، وأغلبهم من النساء المحجبات من أتباع حزب التحرير. وينادي هذا الأخير بتطبيق الشريعة الإسلامية. "إن قبول استخدام هذه الواقيات هو اعتراف صريح بشرعية الممارسة الجنسية خارج اطار الزواج، والشريعة ستحرر بلدنا من خطر الأيدز" تقول فابريانتي اباسوني الناطقة باسم حزب التحرير.

بكاء الأئمة

تقول حياة. ب التي روت قصة اصابتها بالأيدزلاذاعة هولندا العالمية "لا يوجد هناك خطيئة، واي حامل للفيروس برئ، لماذا نضطهد، نحن لدينا كل شيء يوجد في أوربا والغرب من أمراض وسلوكات والفرق الوحيد اننا محافضون ولا نتكلم بصراحة." وتعمل حياة مرشدة اجتماعية للوقاية من الأيدز، وعندما أشرفت مع زميلاتها على دورة تدريبية لأئمة المساحد حول الايدز، كانت المفاجئة، تقول حياة " كل الأئمة الذين حضروا واستمعوا الينا وتعرفوا على معاناة المصابين وحاملي الفيروس بكوا، لأنهم تيقنوا أننا اشخاص عاديون وضحايا ولسنا مرتكبي الخطيئة." ومنذ ذلك الحين أصبح ائمة المساجد يتطرقون في خطبهم لحاملي الفايروس وضرورة التوعية في التعامل مع المرض.

يعيش العالم العربي وكأنه في بداية الثمانينات عندما اكتشف المرض - يقول البروفيسور مصطفى خياطي- حيث لا يزال يعتبره الناس عارا، ومحصورا في أمكنة خاصة، ويتعلق بالمومسات ويأتي من دول الغرب بالتحديد بسبب الزنا والمشاعية الجنسية. وفي الوقت الذي تحول فيه الأيدز الى مرض كباقي الأمراض الأخرى، قامت البلدان العربية بتخصيص مستشفيات خاصة بمرضى الأيدز، ويعتبر خياطي ذلك " إنه خطأ فادح، كان يجب أن يكون الأطباء العرب قادرين على تشخيص الأيدز، لكن ذلك همش المصابين وجعلهم فئة غير مرغوب فيها اجتماعيا."

ولا يقتصر التهميش لحاملي فيروس الأيدز على الناس العاديين في المجتمع، لكن يتعداه حتى الى الأطباء انفسهم "عندما عرف طبيب الأسنان أنني حامل لفيروس الأيدز تركني الأخير في قائمة الإنتظار وحينما جاء دوري قال لي آسف، أنهيت ساعات الدوام" ويقول نوفل. ك الحامل للفيروس من الجزائر العاصمة."

ونفس التجربة تكررت مع حياة ب. في مصلحة الإستعجالات في أحد المستشفيات "مرات عديدة عندما نأخذ حاملا للفيروس الى مصلحة الإستعجالات يفر الجميع بمن فيهم الأطباء ويتركونهم دون رعاية ناهيك عن الشتم."

ويلاحظ البروفسور مصطفى خياطي أن " في البلدان العربية أغلبية من يصابون بالفيروس هم من الرجال بسبب العلاقات الجنسية غير الآمنة، أما الاغلبية الساحقة من النساء في المغرب والمشرق العربيين فينتقل اليهن المرض من الأزواج بالتحديد" وكرد فعل على رفض بعض الائمة استخدام الوقيات الذكرية (الكوندوم) يرى خياطي "إننا كمختصين مقتنعين بضرورة استعمال هذه الواقيات التي تحمي من انتشار مرض الأيدز وفقا للقاعدة الأساسية في الفقه الإسلامي التي تقول بأن الضرورات تبيح المحضورات."

وإذا كان سليم .ب انتحر في بيته في الجزائر بسبب تهميشه وعدم تقبله كحامل لفيروس مرض المناعة المكتسبة الأيدز، فإن حياة.ب المصابة منذ 15 عاما اصرت أن تعيش وأن تنشأ "جمعية الحياة للأيدز في الجزائر" لتوعية المجتمع أن المصصابين بالمرض اناس عاديون كباقي المرضى الآخرين، وأن الفيروس لا ينتقبل عبر لمسة يد او كلمة طيبة.

إذاعة هولندا العالمية- تقرير: عبد العالي رقاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق